۱۳۸۹ مرداد ۸, جمعه

فقه سیاسی آیة الله العظمی خوئی قدس الله نفسه - 2: ولاية الفقيه في الاُمور الحسبيّة


 http://www.al-khoei.us/edara/pic/sira01.jpg

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الاول:التقليد   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 1150
فذلكة الكلام :
   أن الولاية لم تثبت للفقيه في عصر الغيبة بدليل وإنما هي مختصة بالنبي والأئمة (عليهم السّلام) ، بل الثابت حسبما تستفاد من الروايات أمران : نفوذ قضائه وحجية فتواه ، وليس له التصرف في مال القصّر أو غيره مما هو من شؤون الولاية إلاّ في الأمر الحِسبي فإن الفقيه له الولاية في ذلك لا بالمعنى المدعى ، بل بمعنى نفوذ تصرفاته بنفسه أو بوكيله وانعزال وكيله بموته ، وذلك من باب الأخذ بالقدر المتيقن لعدم جواز التصرف في مال أحد إلاّ بإذنه ، كما أن الأصل عدم نفوذ بيعه لمال القصّر أو الغيّب أو تزويجه في حق الصغير أو الصغيرة ، إلاّ أنه لما كان من الاُمور الحِسبية ولم يكن بدّ من وقوعها في الخارج كشف ذلك كشفاً قطعياً عن رضى المالك الحقيقي وهو الله (جلّت عظمته) وأنه جعل ذلك التصرف نافذاً حقيقة ، والقدر المتيقن ممن رضى بتصرفاته المالك الحقيقي ، هو الفقيه الجامع للشرائط فالثابت للفقيه جواز التصرف دون الولاية 
   وبما بيّناه يظهر أن مورد الحاجة إلى إذن الفقيه في تلك الاُمور الحِسبية ما إذا كان الأصل الجاري فيها أصالة الاشتغال ، وذلك كما في التصرف في الأموال والأنفس والأعراض ، إذ الأصل عدم نفوذ تصرف أحد في حق غيره .
ــ[361]ــ
   ومن جملة الموارد الّتي تجري فيها أصالة الاشتغال ويتوقف التصرف فيها على إذن الفقيه هو التصرف في سهم الإمام (عليه السّلام) لأنه مال الغير ولا يسوغ التصرف فيه إلاّ بإذنه . فإذا علمنا برضاه بالتصرف فيه ، وعدم وجوب دفنه أو القائه في البحر أو توديعه عند الأمين ليودعه عند أمين آخر وهكذا إلى أن يصل إلى الإمام (عليه السّلام) عند ظهوره وذلك لأنه ملازم عادي لتفويته ولا يرضى (عليه السّلام) به يقيناً ، وقع الكلام في أن المتصرف في سهمه (عليه السّلام) بصرفه في موارد العلم برضاه هل هو الفقيه الجامع للشرائط أو غيره ، ومقتضى القاعدة عدم جواز التصرف فيه إلاّ بإذنه ، والمتيقن ممن نعلم برضاه (عليه السّلام) وإذنه له في التصرف فيه ، هو الفقيه الجامع للشرائط ، لعدم احتمال إذن الشارع لغير الفقيه دون الفقيه .
   وأما إذا كان الأصل الجاري في تلك الاُمور أصالة البراءة ، كما في الصلاة على الميت الّذي لا ولي له ولو بالنصب من قبل الإمام (عليه السّلام) فإن الصلاة على الميت المسلم من الواجبات الكفائية على كل مكلّف ، ومع الشك في اشتراطها بإذن الفقيه نتمسك بالبراءة ، لأنها تقتضي عدم اشتراطها بشيء ، ومع جريان أصالة البراءة لا نحتاج إلى الاستيذان من الفقيه .
   وعلى الجملة : الولاية بعدما لم تثبت بدليل وجب الرجوع في كل تصرف إلى الأصل الجاري في ذلك التصرف وهو يختلف باختلاف الموارد ، والاحتياج إلى إذن الفقيه إنما هو في موارد تجري فيها أصالة الاشتغال .
   وبعدما عرفت ذلك لا بدّ من التكلّم في أن الولاية بالمعنى المتقدم أعني جواز تصرفات الفقيه ونفوذها ، وتوقف تصرّف الغير على إذنه هل يشترط فيها الأعلمية أو أنها ثابتة لمطلق الفقيه ؟
   فنقول : أما الأعلمية المطلقة الّتي هي المعتبرة في باب التقليد فلا يحتمل اعتبارها في المقام ، فإن لازم ذلك أن تكون الولاية على مجهول المالك ومال الغيّب والقصّر من المجانين والأيتام والأوقاف الّتي لا متولي لها والوصايا الّتي لا وصي لها وغيرها من الاُمور الحِسبية في أرجاء العالم كلّه راجعة إلى شخص واحد ، ومن المستحيل عادة قيام شخص واحد عادي للتصدي بجميع تلك الاُمور على كثرتها في الأماكن المختلفة
ــ[362]ــ
من الربع المسكون ، فإن الولاية كالخلافة فلا بدّ فيها من الرجوع إلى الأعلم من جميع النقاط والقيام بها أمر خارج عن طوقه ، كما أن المراجعة من أرجاء العالم في الاُمور الحِسبية إلى شخص واحد في مكان معيّن من البلدان غير ميسورة للجميع .
   على أن الأعلمية المطلقة لو كانت معتبرة في الولاية ـ بالمعنى المتقدم ـ لكان من اللاّزم أن يشار إلى اعتبارها في الأخبار الواردة عنهم (عليهم السّلام) ولوصل إلينا يداً بيد واشتهر وذاع ، ولم يرد أدنى إشارة إلى اعتبارها في الروايات ولم يلتزم به الأصحاب (قدّس سرّهم) فاعتبار الأعلمية المطلقة غير محتمل بتاتاً .
   وأما الأعلمية الإضافية كأعلم البلد وما حوله من النقاط الّتي يمكن الرجوع منها إلى ذلك البلد في تلك الاُمور ، فالمشهور بين الأعلام أيضاً عدم اعتبارها في الولاية بل ادعي ظهور الاجماع عليه في بعض الكلمات . إلاّ أن الصحيح هو القول بالاعتبار وذلك لعين ما قدّمناه في اشتراط إذن الفقيه في التصدي للاُمور الحِسبية ، وحاصل ما ذكرنا في وجهه أن مقتضى القاعدة عدم نفوذ تصرف أحد في حق غيره للاستصحاب أو أصالة الاشتغال كما مرّ . إلاّ أن الاُمور المذكورة لما لم يكن بدّ من تحققها في الخارج وكان من الضروري أن يتصرف فيها متصرف لا محالة، دار الأمر بين أن يكون المتصرف النافذ تصرفه فيها أعلم البلد وأن يكون غيره من الفقهاء والأعلم الإضافي هو القدر المتيقن ممن يحتمل جواز تصرفه في تلك الاُمور .
   وكذلك الحال في التصرف في سهم الإمام (عليه السّلام) لأنه وإن كان معلوم المالك وهو الإمام (عليه السّلام) إلاّ أنه من جهة عدم التمكن من الوصول إليه ملحق بمجهول المالك نظير سائر الأموال المعلوم مالكها فيما إذا لم يمكن الوصول إليه ، وقد تقدم أن القدر المتيقن ممن يجوز تصرفاته في تلك الموارد هو الأعلم إما مطلقاً كما في سهم الإمام (عليه السّلام) وغيره مما لا مانع من الرجوع فيه إلى الأعلم مطلقاً وإما بالإضافة إلى البلد كما في الولاية ، لعدم التمكن فيها من الرجوع إلى الأعلم المطلق كما مرّ . فعلى ما بيّناه اعتبار الأعلمية الإضافية لو لم يكن أقوى في المسألة فلا ريب أنه أحوط ، هذا كلّه في اعتبار الأعلمية في غير القضاء من الولايات .
   أما المقام الثاني : وهو اعتبار الأعلمية في القضاء فيقع الكلام فيه في الشبهات
ــ[363]ــ
الموضوعية تارة وفي الشبهات الحكمية اُخرى .
   أما الشبهات الموضوعية ، كما إذا كان الترافع في أداء الدين وعدمه أو في زوجية امرأة وعدمها أو نحوهما ، فاعتبار الأعلمية المطلقة في باب القضاء مقطوع العدم لاستحالة الرجوع في المرافعات الواقعة في أرجاء العالم ونقاطه ـ على كثرتها وتباعدها ـ إلى شخص واحد وهو الأعلم ، كما أن التصدي للقضاء في تلك المرافعات الكثيرة أمر خارج عن طوق البشر عادة ، فمورد الكلام والنزاع إنما هو اعتبار الأعلمية الإضافية كاعتبار أن يكون القاضي أعلم من في البلد وما حوله .


هیچ نظری موجود نیست:

ارسال یک نظر